الأخبار

كلمة السيدة رباب الصدر في مهرجان للقاء الارثوذكسي والرابطة السريانية تكريما للمطرانين المخطوفين

11/04/2019

وطنية – نظم “اللقاء الارثوذكسي” والرابطة السريانية في جامعة الحكمة فرن الشباك مساء اليوم، مهرجانا مسرح جامعة الحكمة – فرن الشباك، تكريما لمطراني حلب بولس اليازجي ويوحنا ابرهيم في الذكرى السادسة لخطفهما، بحضور ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي، ممثل رئيس الحكومة سعد الحريري النائب السابق عاطف مجدلاني، ممثل بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر المطران الياس كفوري، ممثل بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار إغناطيوس افرام الثاني المطران ميخائيل شمعون، النواب: فيصل الصايغ، علي درويش، هاغوب تيرزيان، نقولا نحاس، جان تالوزيان، سيزار ابي خليل ونقولا صحناوي، نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب، اعضاء “اللقاء الارثوذكسي” والرابطة السريانية، شخصيات سياسية وديبلوماسية ودينية وبلدية واجتماعية ومهتمين.

مخزومي
بداية، قال رئيس حزب “الحوار الوطني” النائب فؤاد مخزومي: “كنت أتمنى، أن أقف اليوم بينكم، مباركا بقرب حلول أعياد مجيدة، تتخللها ذكرى القديس جاورجيوس، التي شهدت عشيتها قبل ست سنوات، عملية خطف كبيرين من رجالات الدعوة إلى الإيمان، والعمل الحثيث في خدمة الإنسان، كل إنسان. كنت أتمنى أن يكتمل لقاؤنا اليوم، بحضور المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، لا أن نفتقد بركة هذا الحضور، فأمامنا الكثير مما نستكمله معا، كل من ناحيته، ومن على ناصيته، من أجل رفاهية أهلنا، وكرامتهم وسعادة أسرهم. هما، منذ اختارا رسالة الخدمة السامية، قد جعلا هموم الناس قاطبة شغلهما الشاغل، ولم ينشغلا عنها بأمر يخصهما، بل ثابرا على التضحية والعطاء، حتى بذلا في ذلك اليوم العصيب، حضورهما العزيز بيننا، من أجل إنقاذ إخوة لهما في الإنسانية والكهنوت”.

أضاف: “بمثل هذين الكبيرين، نتلقى من الكتاب العزيز، جوهر الحكمة الكامنة في الآية 82 من سورة المائدة: “ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا، الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا، وأنهم لا يستكبرون”. صدق الله العظيم. حقا لا يستكبرون. بيننا وبينهم أكثر من عهد ووثاق. بمثل هذين الكبيرين، تكبر الآمال حين ننظر إلى بذلهم، وإيثارهم سعادة إخوتهم في الإنسانية، على راحتهم ورخائهم. وبهم نتماهى كلما عقدنا النية على نجدة أو معونة. علمتنا الحياة أن الأعمال الخيرة، لا تعرف عرقا ولا نسبا ولا جنسا أو جنسية، ولا طائفة أو مذهبا أو طبقة. ألأعمال الخيرة، لا يعنيها سوى الإنسان، ولا تأتيه بغير الحق والخير والود والجمال. فكيف يجوز، أن نخسر الطيبين الخيرين، باسم التدين وذريعة الدين، وهو براء من هؤلاء الأدعياء المدعين؟”.

وتابع: “الأكثر إيلاما من افتقادنا المطرانين الجليلين بيننا اليوم، صمت العالم المعتبر متمدنا، عن واقع بمثل هذه الهمجية النكراء. ربما، صعب على بعضهم التصرف، أو اتخاذ مبادرة ما، نحو معرفة مصير الأسقفين المفقودين، ولكن هل يصعب، بل يستحيل علينا الذكر والتذكر على الأقل، كي لا يكون نصيب هذه الفاجعة الإنسانية، تجاهلا ونسيانا؟ عذرا، فأنا أمام هول هذا الواقع الأليم، لن أعمد إلى مواساتكم بكلام معسول، عن التعايش والتسامح وتقبل واحدنا للآخر، فهذه التعابير، تستمد جدواها مما يكون بين الناس من فرق واختلاف، فهل نحن في الحق والخير والعدل والمودة، مختلفون كي نتعايش، ونتجاوز الاختلاف؟”.

وقال: “نحن، في مواجهة الظلم واحد. نحن، في طلب الحق والعدل واحد، بل نحن في عين الله واحد. ونحن في وجعنا على غياب الوجهين الكريمين الجليلين، نفس واحدة. ليس المطلوب من إنسان، أن يتسامح ويتساهل ويتعايش مع نفسه، بل أن يواجه الدنيا كلها صارخا غير متساهل أو متهاون، عل العالم بأسره يفهم: إن كان هذا الصمت المريب الخامل يفقدنا حضور المطرانين ابراهيم واليازجي بيننا اليوم، فهو يفقد العالم المتمدن صدقيته وإنسانيته وكل ادعاءاته إلى الأبد”.

أضاف: “إخوتنا، مسيحيو هذا الشرق، كم نحن بكم أغنياء، وكم أنتم لنا أبناء عم أعزاء. بما جمعنا من وعي وإدراك، واجهنا الغزاة من كل أصقاع الدنيا. لا فرقنا غربي يدعي الحرص على مقدساتكم ليكدس عنده الثروات، ولا باعد بيننا مملوك يستقوي برفع ديننا ويقيننا شعارا لتحقيق أطماعه. إخوتنا في الأرض والعيش والتراث، نحن جميعا أهل ود وخير. ننشىء المؤسسات، ونكرس القيم، ونمارس الشعائر، ونمجد الله جاعلين نجدة المحتاج ولقمة الجائع وحاجة المسكين ومعونة المظلوم وعابر السبيل، في طليعة عبادتنا اليومية المتكررة، مع بزوغ كل فجر وحلول كل غروب”.

وختم: “بهذا المعنى، صلاتنا واحدة لأننا، بالعمل الصالح نعبد الله ونعامل العباد. وبهذا المعنى، خسارتنا جميعا كبيرة، في غياب المطرانين الجليلين، وسوف تكون لنا سعادة كبرى نتقاسمها بالتساوي، يوم يظهر المفقودان عائدين إلينا سليمين بإذن الله، فيشرق بيننا وجهان نيران يحملان إلينا معاني البر والإحسان، وبشائر الثواب والغفران”.

الصدر
بدورها، شكرت شقيقة الامام المغيب موسى الصدر رباب الصدر “للقاء الأرثوذكسي” والرابطة السريانية مبادرتهما إحياء هذا المهرجان، وقالت: “لعل لسان حال المنظمين الذين بادروا إلى دعوتي، كان قول الشاعر البغدادي: لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها. وبالفعل، نحن في عائلة الإمام السيد موسى الصدر نكابد منذ أربعين عاما ونيف تبعات التغييب، والقلب يلهج بالدعاء والوجل كلما حملت الأحداث نبأ فقدان هذا أو ذاك من أبنائنا في هذا الشرق المعذب. ويتضاعف القلق عندما يكون المفقود شخصية عامة سياسية أو روحية أو ثقافية، أي أنها شخصية لها رمزيتها ورسالتها وصفتها التمثيلية. هنا، يتجاوز الاستهداف السلامة الشخصية ليطال سلامة الأمة، وكرامة الناس كل الناس، والأمن الاجتماعي عموما”.

أضافت: “اسمحوا لي أن أشارككم في جانب من تجربتي الشخصية، وكيف أنعم الله علي بالانتقال من دائرة الانفعال والتأسي إلى عالم الفعل والتأثير. ليس هناك من مفردة تصف هول أن نفتقد عزيزا ابنا أو أخا أو ولدا. إنه الفراغ، فراغ كبير، فراغ لا يمكن تعبئته، فراغ يزداد الإحساس به وبألمه كلما كنت أحاول تعويضه لأنني كنت أدرك فداحته عند قياس الفرق بين الأصيل والهجين”.

وتابعت: “بدأت نفحة التلطيف تتسرب إلي من الآخرين، لقد أصاب التغييب الجميع في صميمهم وأحدث هزة في نفوسهم. ربما كان الإخفاء حافزا للآخرين كي يتحركوا بفعالية أكثر. امتاز الإمام الصدر بنكران الذات، سعة الصدر، حب الكبير والصغير واحترامهما، جلد على التفاصيل ومعالجتها. تلك الخصال لم تحجب عنه إدراكه لموقعه ولقدراته، لدوره ومسؤولياته في المجتمع وأمام الله. أستطيع القول إنه أدرك رسالته في هذه الحياة وأتقن أداءها. لقد استمديت من الإمام الطاقة لمواجهة الشدائد والمهارة لحل المشاكل. تعلمت الصبر والإيمان الحقيقي، أدركت تلك الميزات على مراحل، بدأت أتمثلها وأحاول أن أعيشها. أسأل الله ان أكون استوعبتها وتعلمتها”.

وأردفت: “الخلاصة الأهم أن القضية قضية إخفاء وقضية تغييب، فلا يجوز الأمر للمجهول. لقد وضع المطرانان سلامتهما الشخصية على المحك، وتحركا في أصعب الظروف للافراج عن عدد من الكهنة المختطفين، وليس غريبا على أي منهما أن يضع نفسه في قلب الخطر لحفظ سلامة الغير، هذه هي سيرتهما، وهذا هو معدنهما، وتلك هي رسالتهما في الحياة. سيرتهما كما مسيرتهما كما إخفاؤهما تجسيد لتلك الرسالة. وفحواها أن هجرة المسيحيين من الشرق خسارة إنسانية مروعة ستمتد آثارها الى مئات السنوات القادمة”.

وختمت: “واحدة من الأفكار العظيمة التي حمل لواءها الإمام الصدر كانت التقريب بين المذاهب الإسلامية، والحوار بين الحضارات والأديان، وتغييبه كان تمهيدا لما نعاني اليوم من قطيعة بين المذاهب، وصدام عابر للحدود والبحار. أما عن المطران بولس اليازجي والمطران يوحنا ابراهيم، فمسيرتهما شاهد على أن سحر الشرق في تعدديته، وجمال الشرق في انفتاحه، ومن خطفهم أراد أن يخطف هذا الجمال بدفع مسيحييه للارتحال عنه. اجتماعنا اليوم رسالة قوية فحواها اننا باقون باقة أمل ورجاء لكل المتعبين والتواقين الى الحرية والعدالة والجمال”.

أبو فاضل
وقال الامين العام “للقاء الارثوذكسي” النائب السابق مروان ابو فاضل: “في زمن انكسار قوى الظلام والتكفير في سوريا، لم تنكسر حتى الآن السلاسل التي تقيد المطرانين المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، إلا أن الاستمرار في تغييبكما إنما يشد من عزيمة اللقاء في متابعته الحثيثة لمعرفة مصيركما. ولن تكم أفواهنا حتى تعودا، لأننا لن ننسى ولن نسكت”.

وتطرق إلى “محاولة سلخ كنيسة أوكرانيا عن كنيسة روسيا، مسلطا الضوء على الدور السلبي للبطريرك المسكوني برثلماوس، وشجب تشجيع هذا الأخير على انفصال الكنيستين، بينما “يعجز عن حل مشكلة كنيسة آيا صوفيا كرمز أرثوذكسي عريق من صلب أبريشته”.

واستنكر “تدخل سفير أوكرانيا في لبنان بالشؤون الأنطاكية”، موضحا أن “الكلام عن انشقاقات ضمن الكنيسة الأنطاكية غير دقيق”، مشيرا الى أن “موقف متروبوليت بيروت الياس عودة من وحدة الكنيسة معلن وواضح”، متحفظا على “إنشاء جامعة القديس جاورجيوس في بيروت بدعم وعمل يوضاسين أو أكثر تدفعهم نظريات ومآرب ذاتية”.

وحذر من “صفقة القرن”، رافضا “عقائديا ودينيا وسياسيا، الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة اليهودية كما يسميها رئيس وزراء العدو الإسرائيلي”.

وأشار الى أن “من تجليات الميثاق الوطني الذي أمسى عقدا سياسيا واجتماعيا أنه خصص الرئاسة الأولى للاخوة الموارنة والثانية للاخوة الشيعة والثالثة للاخوة السنة”، مؤكدا أن “تخصيص نيابتي الرئاستين الثانية والثالثة للأرثوذكس هو تعويض عن غياب الرئاسة الرابعة في لبنان حتى الآن”.

وكرر موقف “اللقاء الأرثوذكسي” بأن “تمثيل الوجدان الأرثوذكسي تمثيلا صحيحا تحقق بانتخاب دولة الرئيس إيلي الفرزلي في سدة نيابة رئاسة مجلس النواب”، مستنكرا “عدم احترام هذا المبدأ في سدة نيابة رئاسة الحكومة لمجرد تعيين نائب لرئيس الحكومة الحالية بخيار يطغى عليه الانتماء الحزبي”.

ونوه بقانون “اللقاء الأرثوذكسي” الانتخابي، معتبرا أنه “الوحيد الذي يتيح التمثيل الأصح، اليوم في المجلس النيابي وغدا في مجلس الشيوخ المرتقب وهو المعبر الأسلم إلى انتظام الحياة السياسية في لبنان وفق المبدأ السائد في كل ديمقراطيات العالم حيث تحكم الأكثرية وتعارض الأقلية”.

افرام
أما رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام فسأل سفراء روسيا والولايات المتحدة الاميركية وتركيا والغرب والعرب عن مصير المطرانين، قائلا: “لا يمكن للعالم أن يغمض عينيه ويدعي أنه لا يعرف ولا يسمع ولا يرى. هل مطلوب بعد أن نسكت عن ذمية سياسية أو دينية أو حتى وطنية؟ هل مرفوض إلا أن نقبل اليد التي تذبحنا؟ تقتلنا؟ تمحو تراثنا والذاكرة والحضارة والآثار؟”.

أضاف: “تعالوا معا لقضية الشرق، لا تسلط ولا ارهاب، شرق متنوع متعدد، لا لقومية واحدة، لا لاثنية واحدة، لا لدين واحد ولا لمذهب واحد ولا مكان فيه لتكفيري ولا لارهاب له علمه وفكره وماله وسلاحه ورجاله وخططه”.

وتابع: “كل من يغمض عينيه او يدعم أو يمول أو يساير أو يسكت هو شريك”.

وأردف: “على لبنان أن يثبت ويتصرف أولا أنه دولة، بعد وقف التهميش واعادة المسيحيين الى السلطة، مطلوب الآن نهضة وثورة تقتلع فساد نظام، مطلوب دينامية واعطاء أمل وثقة ورجاء لشعب عبر انجازات قضاء حر نزيه، كهرباء، بيئة، فرص عمل، تقشف، وعبر ورشة تعمل لعودة النازحين السوريين دون تذاك وتلاعب بألفاظ وعبر الاصرار على دولة فلسطينية دون “صفقات قرن” ورفض التوطين”.

ودعا إلى رفض “إرادات الخارج وقراراته حين تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا وإلى وقف الكسل والدلع والنكد”، وقال: “نرفض اعتبار السريان وأبناء ما يسموننا الاقليات المسيحية، مواطنين درجة أخيرة وألا نشارك، بخاصة في عهد الرئيس العماد عون، حتى مع ارادته انصافنا، حتى مع كفاح الوزير باسيل معنا، في أي حكومة منذ الاستقلال. ما هذا الغبن؟ وماذا نقول عن العلويين؟ أليسوا لبنانيين أم أنهم أيضا حرف ناقص”؟.

ودعا المسيحيين الى “وقفة ضمير أمام التاريخ في ما هو أبعد من صراع على السلطة”، وقال: “ليس لدينا ترف الاختلاف ولا التفرقة ولا الزواريب ولا العشائرية ولا المصلحية، فلنتوحد ونحفظ مقعدا لنا على طاولة الشرق القادم لنكون لاعبين وليس حجارة أو بيادق أو فيشا في لعبة الأمم أو ننقرض. نتوحد ليس ضد أحد، ولا تعصبا ضد أحد، بل من أجل الوطن. ميشال عون الرئيس القوي فرصتنا. أنجز قانون انتخابات، أنجز أمنا، فلنكن واحدا لحلول الناس وللتصدي لما يحاك”.

المصدر: الوكالة الوطنية 
http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/403204/