في ما يلي مرتكزات منهجه في التغيير الاجتماعي:
1- يتحرّك الإنسان بطبيعته نحو الكمال: بعض الناس يخنعون، البعض الثاني يهاجر طلباً لعلم أو معاش أو ضمان، والبعض الثالث يرفض الواقع ويريد التغيير وتعوزه الحيلة فيستعير وسيلة، والبعض الرابع أسماه الإمام الصدر بالعالم الرابع أو الثورة المؤمنة. فمن مبادراته الواثقة أنّه دعا رجال الدين إلى مغادرة أبراجهم الوعظية، والالتحاق بالناس في أحوالهم وسبل معاشهم. هو حوّل الجامع إلى جامعة ليصبح من حق الكل الانتماء إليها على قاعدة السعي وراء المعرفة، إذ على الإنسان المؤمن أن يتحرك. وعن الرسول عليه الصلاة والسلام، ينقل “ولو أن عبدًا مؤمنًا قامت قيامته وبيده غرسة، لغرسها قبل أن يموت”.
2- المجتمع= إنسان + عمل متبادل. من أبسط التعاريف للمجتمع، وقد أتى به الإمام الصدر، وركزّ على ما هو أهم: “يا فاطمة! اعملي لنفسك، فإني لا أغني عنك من الله شيئًا”. وإذا كانت فاطمة غير جديرة بشفاعة الرسول يوم القيامة إذا لم تكن متسلحة بأعمالها، فمن عساه جدير؟ والسؤال يطرحه الإمام الصدر، ثمّ يجيب عليه مستعينًا بالآية الكريمة {وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى، وإن سعيه سوف يرى} سورة النجم، 39-40. ويسهب الإمام الصدر في تبيان السبيل “إلى إصلاح أوضاعنا”مركزا على أن الممارسة العملية هي المقياس، وعلى ضرورة نبذ الاتكالية، والبدء بالنفس لنكون قدوة للآخرين، وهو يشبّه الخير بالنور للدلالة على قابليته للانتشار والاقتداء به. ويستخلص بأن الدين هو الصلاح في العمل واللسان والقلب والسيرة، فلا مناص من تعميق الدين وربطه بعملية التغيير سيّما وأن الله أنزل الأديان لصناعة العالم المتكامل المتآزر.
3- يستعير الكون المنظم العادل ليستدل على إمكانية إحقاق الحق والعدالة، ويصنّف الإمام الصدر طرق التربية بأربع: التربية المتجهة مباشرة إلى الفعل، وتلك المتجهة إلى ما وراء الفعل أي إلى القناعة، وتتجلّى الطريقة الثالثة في خلق المناخات المؤاتية enabling context)) لجو العدل والاستقامة، وأخيرًا الرؤية الكونية وضرورة تمثلها حيث الكون مبني على الحق والعدل. {والسماء رفعها ووضع الميزان، الا تطغوا في الميزان} سورة الرحمن، 1-2.
4- ليست الوسيلة بأقل أهمية من الهدف، فالمناقبية والسلوك القويم من أساسيات التغيير الناجح. وإذا كان جيداً أن نصل إلى نتيجة مُرضية بفعل عمليةٍ ما، فمن المهم أن نحقق هذه النتيجة المرضية كلّ مرّة. ولا نستطيع ضمان ذلك إلاّ من خلال تعلّم الطريقة السليمة الآيلة إلى النتيجة السليمة.
5- وفي عرضه لوسيلة التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يرفع معاناة المحرومين في لبنان، يركز الإمام الصدر على الجذر الأساسي لمبدأ التغيير، وهو رفضه التغيير بالعنف. آمن بلبنان وطنًا نهائيًا لجميع أبنائه، بل وجد فيه رسالة حضارية يجب التمسك بها. وأحبّ أن يقدّمه كنموذج. ليس نموذجًا للإطفائي بل نموذجًا للبشرية السمحة حيث معدنها ونباتها وهواؤها مواد غير قابلة للاشتعال. بل هو يؤكد “عدم جواز مسك النار بالأصابع ما دامت الوسائل الديمقراطية متوفرة مبدئيًا، وتنظيم استعمالها ممكنًا ومرجوًا. وفي سياق آخر يذكّر بهوية الوطن الذي تؤمن به الطائفة الإسلامية الشيعية، لبنان الواحد الموحد النهائي السيد المستقل، العربي المنفتح على العالم بأسره/ الملتزم بقضية الإنسان لأنها من صلب رسالته الحضارية. ولبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وعلى مبدأ فصل السلطات، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات.
6- وظّف الإمام الصدر الأسس المنهجية العلمية في خدمة العمل الاجتماعي، والممكن تلخيصها بالتالي:
– مسح الواقع الاجتماعي- الاقتصادي وفهمه ( إحصاءات، بحوث..إلخ)،
– النظرة الإستراتيجية وإدراك مضاعفات الحرمان التي تطال المحروم كما المقتدر، فيبتلي المجتمع بأكمله بالتوترات الاجتماعية والحروب الأهلية،
– التركيز على أهمية التنظيم المؤسسي كشرط أساسي لنجاح كل عمل،
– الحرص على الإطار التكاملي للتغيير الاجتماعي، تفادياً لأي شرخ يبدأ بالجزأ فيصيب الكلّ،
– وأولاً وأخيرًا، إيجاد الظروف والمناخات التي تُمكّن المرأة من المساهمة في النهوض الاجتماعي والثقافي.