أسيل
مركز التدخل المبكر ( أسيل)
فلسفة المشروع
تمّ أوائل صيف 2011، افتتاح مركز التدخل المبكر “أسيل” لمساعدة الأطفال ذوي الحاجات الخاصة في أوائل عمرهم. وذلك في المجمّع الثقافي للإمام السيد موسى الصدر في بيروت. يندرج (أسيل) ضمن سلسلة البرامج والخدمات التي أطلقتها مؤسسات الإمام الصدر عشية يوبيلها الذهبي. والتي تعكس ما تعلمناه عبر التجربة الطويلة، ومؤداه الجرأة في تخصيص الموارد المتاحة حاليًّا – على ضآلتها- لتحقيق العوائد الأمثل مستقبلاً، بحيث نكسر حلقة العوز والعجز. وليس خافيًا أن أهم مؤشرات تقدّم الأمم هو قدرتها على احتضان المعرضين وأصحاب الحاجات الخاصة وإدماجهم في الحياة العامة.
يلبّي (أسيل) حاجة ملحة على المستوى الوطني، ويسهم في تخفيض نسبة الإعالة وفي حفظ كرامة الطفل وتأهيله. وظيفة المركز بناء وتحسين قدرات الطفل ذي الحاجة الخاصة (صفر – ثلاث سنوات) على أنواعها: حركية، فكرية، تواصلية، اجتماعية، عاطفية وحياتية. مع الحرص على إشراك الأهل وتحسين قدراتهم بالتوجيه والدعم والتدريب. غايته الأسمى هي توسيع فرص هؤلاء الأطفال في التمتع بحياة كريمة وبأقل قدر ممكن من الاستقلالية، مع تقليص الأعباء المترتبة على أسرته ومجتمعه.
تقوم المنهجية المتبعة على تشخيص الحالة من قبل الأخصائيين، يليها وضع خطة للتدخل تلحظ طبيعة الخدمة في المركز والمنزل. وتشمل إجراءات المتابعة وقياس التقدّم، كما تشمل التكاليف وخصائص الموارد البشرية المعنيّة في مسيرة التأهيل. علماً بأن فريق العمل يضم الطبيب النفسي والأخصائي النفسي والتربوي والعامل الاجتماعي والمعالجين على اختلاف تخصصاتهم كالنطق والنفس-حسي- حركي والفيزيائي وغيرهم.
وبالنسبة للتشغيل والاستمرارية، يعكس مخطط التمويل شراكة عادلة تحتاج تغطية حكومية، وتقبل مساهمات الأفراد وتستوجب مساهمة من عائلة الطفل تبعاً لحجم الخدمة المطلوبة وطبيعتها، ومع مراعاة الوضع الاقتصادي لذويه. هذا، ويُلاحظ تنامي الوعي الأممي والمجتمعي بأهمية التدخل المبكر مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مما ينعكس استعدادًا لدى العديد من المنظمات والهيئات لدعم المشاريع ذات الصلة. كذلك الأمر مع القطاع العام اللبناني الذي يحاول حاليًّا تعويض تقصيره السابق في هذا المجال.
من جانب آخر، يلمس أهالي المعنيين مدى التقدّم المحرز مع أطفالهم، كما يقدّرون قيمة العبء الذي يضطلع به المركز حيث كانت تجربة الانطلاق مشجعة جدًّا، وأثبت الأهالي بالملموس استعدادهم للمساهمة في نفقات تأهيل أطفالهم، كلّ حسب استطاعته. في حين تتجلى مساهمتهم الأهم في التقبّل التدريجي لأوضاع أطفالهم، وفي التعاطي الإيجابي بالتدرب والمشاركة والإرادة في صنع الغد الكريم.
مميزات المشروع
يلبّي مركز التدخل المبكر حاجة ملحة على المستوى الوطني. وللمشروع عدة ميزات، أهمها:
الدعم النفسي لأهالي ذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم يواجهون –عادةً- مرحلة صعبة جدًّا منذ لحظة معرفتهم بالصعوبات التي يواجهها أطفاهم؛
شمولية الخدمات في المكان والزمان عينهما، وهو الأمر الذي يعظّم العوائد، ويبسط الإجراءات مقابل تكاليف محدودة نسبيًّا؛
خدمة الزيارة المنزلية اسبوعياً والتي تسمح بتدريب الاهل على العمل مع أطفالهم، مما يجعلهم شركاء فاعلين ويتمتعون بالرضا والمسؤولية؛
توافر الفريق الاختصاصي والمدرب ودائم التأهيل عبر الصقل المستمر للكفايات البشرية،
القيام بأبحاث متلازمة لتقييم وتقويم الخدمة، مما يسهم في انتاج المعرفة؛
تدريب للخريجين الجدد في هذا المجال مما يشجع على إنشاء مراكز أخرى في كافة المناطق اللبنانية، بعد توافر الكفاءات البشرية المؤهلة.
فريق العمل
في معظم الحالات، هناك فرصة وحيدة أمام الطفل يجب التقاطها في الوقت المناسب ومن قبل الأخصائيين المناسبين. يضم فريق العمل المتكامل كلاً من: pediatric neurologist, psychomotor therapist, educational psychologist, speech therapist, behavioral consultant, psychologist, child care provider, special educator, home visitors, service coordinator, social worker, etc. واستطاع المركز أن يستقطب كلّ هذه الكفاءات ضمن فريقه الذي أصبح يضم 18 أخصائيًّا. وإلى تنوّع الخدمات وتكاملها، يلحظ نظام العمل في المركز فعالية إدارية وتكاملًا في الأدوار عبر الاجتماعات الدورية ونظام المتابعة والتوثيق، وعبر الإشراك الفاعل للأهل حسب البرنامج التربوي الفردي للعائلة Individualized Family Service Plan)).
نعتقد أن توفير الشروط الآنفة يؤدي إلى نتيجة منطقية تتمثل في ما يحدثه المركز من فرق واضح في مصير العشرات من الحالات، وهي نجاحات واضحة وقابلة للقياس، وتشجّع على المضي قدمًا في هذا الاستثمار الإنساني المجزي. وتوثيق الحالات بدأ يسهم في إنتاج المعرفة وفي تدريب الخريجين الجدد (طلاب الجامعة اليسوعية مثلًا) بما يؤدي إلى تعميم الخدمة على مساحة الوطن.